و من ابرز المعالم و التي نستعرضها لكم بصورة مختصرة:
1- مسجد النبي محمد صلى الله عليه و سلم (المدينة المنورة, شبه الجزيرة العربية)
2- قبة الصخرة, المسجد الأقصى (القدس, فلسطين)
3- قصر الحمراء (غرناطة, الأندلس)
4- المدرسة المستنصرية (بغداد, العراق)
5- جامع القيروان, عقبة بن نافع (تونس)
6- مسجد الشاه (أصفهان, إيران)
7- جامع السليمانية (استنبول, تركيا)
أولا: مسجد النبي محمد ﷺ
هنا, نستعرض لكم أول نشأة المسجد (قبل أن يتم تطويره و توسيعه). فهو ثاني مسجد في الإسلام بعد مسجد قباء, حيث لم يبق من بنائه الأصلي شيء.
ضم المسجد النبوي مكان سكنه صلى الله عليه و سلم, حيث شُيد المبنى من الطوب بمساحة 50x50 م, تكونت غالبها من الفِنَاء.
اُعتمد هذا النموذج لمدة خمس قرون, حيث سماه الباحثون بمخطط ال Hypostyle (مسجد الأعمدة المتعددة), و هو نظام ذو تكرار عمودي, يكون الوحدة الأساسية على طول مخطط المسجد, و تشكل كل أربع أعمدة حيزاً, يطلق عليها (البلاط) و بتكرار البلاطات – أفقيا و عموديا – ينتج لدينا (الرواق).
فهذا النظام البسيط و المرن, يسمح بإستيعاب أعداد كبيرة من المصلين, و يسهل من عملية التوسعة في المستقبل.
لم يتضمن المسجد أي من المئذنة او القبة, و من الداخل, حيث لم يحوِ على محراب, و إنما اشتمل على وجود المنبر, وهي منصة متحركة (مصنوعة من الخشب) ليتم فيها إلقاء الخطب. حيث ان من اهم أجزاء المساجد الإسلامية (و التي اعتمدت بداية العصر الأموي) المئذنة و القبة من الخارج, و المحراب و المنبر من الداخل.
ثانيا: مُصَلَّى قبة الصخرة (أولى القبلتين)
يقع مُصَلَّى قبة الصخرة داخل حدود المسجد الأقصى, و الذي يضم عدة معالم إسلامية أخرى, يصل عددها الى 200 معلم أهمها المسجد القبلي.
يحوي المسجد الأقصى على اربع مآذن (مئذنة باب المغاربة و مئذنة باب السلسلة و مئذنة باب الغوانمة و مئذنة باب الأسباط), و سبع مصليات.
بنى قبة الصخرة الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان, دام بناؤه ست سنوات, حيث اشرف على بنائه المهندسان (رجاء بن حيوه الكندي و يزن بن سلام), تعتبر هي القبة الرئيسية للمسجد الأقصى.
غلب على المواد المستخدمة في البناء الرخام, من الداخل و الخارج, أما مخطط القبة فهو عبارة عن بناء مثمن الأضلاع له أربعة أبواب, يتوسطه مثمن آخر يقوم على دعامات و أعمدة أسطوانية (أخدت أو أستنبطت من المعابد الرومانية - مخطط البازيليكا -), تتوسطه فتحة دائرية تطل على الصخرة المشرفة (التي عرج منها النبي صلى الله عليه و سلم) الى السماء. تعلو الصخرة قبة دائرية قطرها 20م و ارتفاعها 35م, مطلية من الخارج بألواح من الذهب.
يعتبر العصر الأموي من المراحل المهمة (عصر التطور الفني و العمراني), حيث وظف الأمويون معظم الطرز الفنية و المعمارية الرومانية في بنائهم. حيث استخدموا الفسيفساء و الزجاج الملون و الخشب, و اعتمدوا على تغيير ما تحويه الواح الفسيفساء من صور لشخصيات الى زخارف نباتية و هندسية و خطية أيضا, وذلك لانها تنافي عقيدة التوحيد.
ثالثاً : قصر الحمراء
بني قصر الحمراء في غرناطة على هضبة سيرانيفادا. شيده ملك غرناطة محمد الفاتح الملقب بالأحمر, ما بين (1238 – 1273)م و استغرق بناءه اكثر من 120 سنة.
قصر الحمراء عبارة عن قصور مجتمعة, فيها قاعات و ثلاثين برجا و اثنا عشر حماماً و غيرها الكثير. قسم الى عدة أقسام, امتدت على طول 1720م .
لهذه الأقسام قيمة دفاعية عالية, حتى اذا ما تم الهجوم على احد الأقسام, تُنبأ الأقسام الأخرى و يتم الفصل و يحكم الإغلاق. سنذكر من هذه الأقسام (القصور الناصرية), و هي ثلاثة أقسام موصولة مع بعضها البعض:
- المشور او مركز إدارة العدل, و هو من اقدم القصور, شيده إسماعيل الأول.
- قمارش (مركز الحياة البلاطية) او مركز السلطة, بناه يوسف الأول ابن الملك إسماعيل, تشير قاعاتها و الزخارف الموجودة فيها الى التمازج بين السلطة الدنوية مع الإلهية, و تعتبر روعة من روائع الفنون الناصرية.
- قصر الأسود, و تحيط به اربع قاعات. اعتبر هذا القصر مكانا للترفيه بعيدا عن مجهودات البلاط, شُيد في فترة حكم محمد الخامس.
من مميزاته (نافورة الأسود) التي تتوسط بهو هذا القصر, وهي عبارة عن حوض من المرمر المستدير مرفوع على اثني عشر أسداً من الرخام, تخرج المياه من أفواهه حسب ساعات النهار.
تعطلت هذه الخاصية بعد سقوط الدولة, فلم يعلم الإسبان كيفية عملها. حيث برع المسلمون في القصر بصورة غير مألوفة, فلم يبق منهم احد حتى يتوارثوا هذه المهارات.
أما من حيث تصميمها الداخلي, فمهما نذكر لكم من روعتها لن نوافي شيئاً منها.
أرضياته معظمها مغطاة بقطع من الرخام, أما الجدران فهي مغطاة ببلاط عبارة عن خزف مصقول (قطعت بأشكال هندسية متقنة و قياسات محددة) ثم ترتب على الحائط بأشكال الفسيفساء, و أيضا تصنع منه الزخارف النباتية و الهندسية الرائعة.
يعلو هذا الجزء من الحائط جص منقوش يدوياً نقوشاً هندسية و نباتية و خطية, حيث كثرت في أرجاء القصر النقش الخطي و الذي يذكر فيه (لا غالب إلا الله) حوالي 9000 مرة.
و عند الأقواس و المنحنيات و القبب, نرى جمال المقرنصات, التي تعبر عن تطور الهندسة الثلاثية الأبعاد, فإضافة الى هدفها الجمالي فلها هدف متصل بهندسة الصوت في القاعات. حيث اختلفت سقوف القاعات من القبب المغطاة بالمقرنصات الى السقوف المغطاة بالخشب و الزجاج المنقوش باليد نقشاً نباتياً Arabesque.
ولا ننسى في الخارج (جنان القصر), فقد بنيت بطريقة التماثل Symmetrical -والتي تعبر عن كمال الخالق- ينتصفها قنطرة او بركة, محاطة يميناً و شمالاً بساحات و أشجار و على الأطراف الأقواس و الممرات.
و من اسباب ترتيبها بهذا الشكل لتذكير الحاكم بأن هذه الدار فانية و أن العدل مطلوب فيها لبلوغ الجنة التي تريد الوصول إليها, حيث ان الطبيعة و الجمال تجعل الإنسان يتفكر بوجود خالقه من خلال مراقبة حكمته و عظمته في مخلوقاته.
حيث كانت القاعات الرئيسية التي يتواجد فيها الحاكم تطل على هذه الحدائق, منها قاعات الصلاة التي تزخرفت بالنقش القرآني, و الذي يؤكد على أهمية الصلاة و التفكر في عظمته سبحانه.
أنشأت المدرسة المستنصرية في أواخر حكم الدولة العباسية (1226 – 1242)م على يد الخليفة المستنصر بالله, و هي من أولى المدارس و الجامعات التي درست المذاهب الإسلامية الأربع (الحنفي و المالكي و الشافعي و الحنبلي).
تم فيها تدريس مختلف العلوم من الطب و علوم القران و السنة النبوية الشريفة إضافة الى اللغة العربية و الرياضيات و غيرها.
تقع المدرسة في جهة الرصافة من بغداد (القسم الشمالي للنهر), شيدت على مساحة 4836 م مربع, تطل على نهر دجلة الى جانب قصر الخلافة القريب من المدرسة النظامية. بنيت المدرسة من الآجر (الطابوق), تتوسط باحة المدرسة الواسعة نافورة, بالإضافة الى ساعة مائية, تعلم من في المدرسة بأوقات الصلاة, و تعد هذه الساعة (كما ذكرت الساعة في قصر الحمراء) شاهدا على تطور المسلمين في علوم الهندسة.
تحيط الباحة غرف موزعة على طابقين, أربعون غرفة في الطابق الأول و ست و ثلاثون في الثاني - إضافة الى الشرفات المطلة على الباحة - مكونة من قاعات تدريسية و حمامات, إضافة الى غرف مبيت الطلبة الذين كانوا يأتون من مختلف أقطار الدولة الإسلامية.
تتميز المدرسة بالأقواس المدببة و الزخارف المنقوشة على الحجر و على الجص (هندسية و نباتية), يتوسط كل جانب من جوانب المدرسة إيوان, حيث تم تدريس المذاهب واحد في كل إيوان.
تميزت مباني العصر العباسي بصلابتها و حدتها من الخارج و الداخل, فنرى من الداخل جمال الزخارف و النحت الدقيق على الجدران و الأعمدة. حيث أنها سلمت من الغزو المغولي, لكن العلماء و الدارسين لم يسلموا, فتوقف التدريس فيها حتى قدوم العثمانيون الى المنطقة.
بناه القائد عقبة بن نافع بعد فتح الشمال الأفريقي 670 م, و تأسيس مدينة القيروان التي بني فيه هذا الجامع.
يعتبر مخطط القيروان من المساجد المتعددة الأعمدة Hypostyle. تبلغ مساحته 9000 م مربع, و كما هو معروف في هذا النوع, نرى وجود عدد كبير من الأعمدة اغلبها روماني بيزنطي أعيد استخدامها, فتشكل فيما بينها الأروقة.
تحوي قاعة الصلاة على اكثر من 400 عمود, ربط البعض منها ببعض لتشكل مجموعة من ثلاث أو أربع إلى ست أعمدة.
أما فناء الجامع فهو محاط بثلاث أروقة من الجهات الثلاث, عمق كل منها صفان من الأعمدة, حيث تم تنظيم تخطيط المسجد بمحور طولي (يصل المحراب بالمئذنة) لكن هذا المحور غير مستقيم لعدم انتظام مخطط المسجد.
و من السمات الفريدة في هذا البناء, توسعة رواقين في قاعة الصلاة المحاذي لجدار القبلة و الرواق العمودي عليها, لتشكل في المخطط حرف T.
تتوسط المئذنة رواق الفناء المقابل لقاعة الصلاة, بإرتفاع 315 م مقسمة الى ثلاث مستويات, تعلوها قبة يقطينية الشكل.
تعلو قاعة الصلاة قبتان, الأولى فوق المحراب و الثانية تقابلها (عند الطرف الآخر من الرواق المتعامد مع جدار القبلة), و ثلاث قباب أخرى تقع كل منها في المخلين الشرقي و المدخل الغربي للجامع.
يوحي الجامع من الخارج بأنه حصن ضخم, و ذلك بسبب جدرانه السميكة و المائلة من الأعلى الى الداخل. و هنا يلاحظ أن عمارته مستوحاه من العمارة العباسية من حيث القساوة و الضخامة و من حيث استخدام مواد البناء أيضاً.
بني في عهد الشاه عباس الأول (عباس الأكبر) الحاكم الصفوي سنة 1638 م.
يعتبر مخطط المسجد من نوع المساجد ذات الإيوانات الأربعة four Iwan, و من اكبر إيوانات المسجد هو الذي يرتبط بإتجاه القبلة, و الذي يسبق القبة المركزية الكبيرة. تقع قاعة الصلاة الرئيسية تحت القبة المركزية, كما و تقابل باقي الأواوين قبب لكن اصغر حجما من الرئيسية. يحد الإيوان الرئيسي من الطرفين مئذنتين, كما يحد إيوان المدخل الرئيسي مئذنتين أيضاً.
كانت اغلب المآذن الصفوية تتخذ دور العنصر المعماري الرمزي (البصري) فلا تستعمل للأذان بالضرورة, و إنما يتم الأذان من احد الأكشاك التي تقع على احد إيوانات المسجد.
يغطي البلاط الفسيفسائي ازرق اللون معظم المسجد من الداخل و الخارج Haft-rang, و نلاحظ وجود المقرنصات داخل قبب الأواوين الأربع, و التي بدورها تكون مغطاة بالفسيفساء ازرق اللون. حيث تميزت المنطقة بإجتياح اللون الأزرق على اسطح مبانيها.
كاشي (haft rang), هو البلاط ذو السبع ألوان, هي تقنية للرسم على الزجاج و تلوينه (التزجيج) و لا يزال يستخدم الى اليوم.
لا يشترط فيه استخدام سبع ألوان (الأزرق و الفيروزي و الأحمر و الأصفر و الأسود و الأبيض و البيج), فعلاقة الألوان ببعضها و تكوينها اهم, حيث تكون الألوان مفصولة عن بعضها بخطوط من نوع خاص (مغنيسيوم مخلوط بالزيت).
وصل هذا النوع من البلاط الى حد الكمال في شيراز, و كان أول نشوءه (أول من ابتكره الأيوبيين). اختلفت في شيراز عن غيرها من المناطق من حيث الجودة و المكونات الكيميائية.
يواجه مسجد الشاه الميدان, حيث يحيط الميدان عدة أبواب تقود الى مسجد الشيخ لطف الله من جهة و أخرى الى مجمع القصر الملكي (الصفوي) و الأخيرة تقود الى بازار أصفهان.
من بين الصفاة البارزة (الهندسية) في المسجد هي كيفية التوفيق بين الاتجاهين المختلفين للميدان و اتجاه القبلة. حيث تم ذلك عن طريق إضافة مساحة مثلثة لإيوان المدخل, احد أضلاعه يوازي جدار القبلة و الضلع الآخر يوازي اتجاه الميدان.
بنى هذا الجامع المعماري الشهير سنان باشا 1559 م, حيث يعتبر من ابرز المعماريين في العالم الإسلامي, كان سنان مسؤول عن اكثر من 300 مبنى على مدى سيرته المعمارية. و يعتبر جامع السليمانية الى جانب جامع السليمية من أشهر أعماله.
يقع الجامع ضمن مجموعة من المباني المحيطة به, تحوي على مستشفى و اربع مدارس و دكاكين و حمامات خارجية.
يعتبر مخطط الجامع مزيج من المساجد ذات القبة الواحدة central dome و المساجد المتعددة الأعمدة Hypostyle, حيث يتكون من جزأين مستطيلين (الفناء و قاعة الصلاة). الفناء هنا اصغر من قاعة الصلاة, حيث انه محاط برواق ذو البلاطة الواحدة, و تتعدد فيه المداخل.
تحدد مساحة الصلاة من جهة القبلة فناء مسيج غير مغطى, يحوي هذا الفناء على عدة أضرحة لأشخاص ذوي سلطة من بينهم ضريح سليمان القانوني.
تعلو قاعة الصلاة قباب متنوعة (الشبه دائرية و المسطحة و النصفية), تتوسطهم قبة مركزية كبيرة يبلغ قطرها 26 م ترتكز على اربع دعامات ضخمة, يحدها قبتان نصفيتان (شمالية و جنوبية) تعطي هذه القباب من الداخل و الخارج تعبير فراغي و شكلي قوي, إضافة الى تعزيزها لدعم القبة المركزية.
تشكل مجموعة القباب التي تدعم كل منها الأخرى تجمع هرمي سيمفوني قوي, يتصف بالنزول التدريجي من الأعلى الى الأسفل, و يشعرنا بضخامة كتلته الكبيرة إضافة الى خفته.
نلاحظ قرب النمط من البناء البيزنطي, لكن المعمار سنان ابدع في مدلوله حيث ابتكر شكلا خاصاً جعله ينتمي لكونه عمارة عثمانية.
يصل عدد المآذن في الجامع العثمانية من مئذنتين الى ست مآذن, تتميز المئذنة بشكلها القلمي المدبب, حيث تعلوها قمة مخروطية مدببة تحوي على شرفة واحدة او اكثر.
بالنسبة لجامع السليمانية فمآذنها التي تقع في زاوية التقاء الفناء بباحة الصلاة تحوي على ثلاث شرف, أما المآذن التي تحدد الفناء الخارجي فهي اقصر طولا و تحوي على شرفتين. الجامع مبني اغلبه من الرخام, و تغطى القبب و قمم المآذن المخروطية بألواح من الرصاص.
المراجع :
الكتب :
- لمحات من تاريخ العمارة و الحركات المعمارية و روادها / شيرين إحسان
- بغداد / محمد مكية
- Islamic Art / Luca Mozzati
المواقع الإلكترونية :
- مقدمة في الفن الإسلامي / منصة إدراك
- The architecture of the mosque / منصة إدراك
- Handicraft, kashi haft rang هنا
- The Alhambra. The inheritance Nazari / documentary هنا